يوجد على وجه الأرض تقريبا ألف نوع من أنواع الخفاش، ويذكر علماء الجيولوجيا أنه كان موجودا منذ 50 مليون سنة، أي منذ العهد الإيوسيني، وتمثل بمجموعها ربع أنواع الثديات، ومن المفزع أن عضة الخفاش قد تصيب الإنسان بفايروس وسعار داء الكَلَب.
والخفاش هو الحيوان الثدي الوحيد الذي يطير ويحيض، وهي تندرج تحت مجموعتين، الخفافيش الكبيرة، والخفافيش الصغيرة.
مما أودعه الله في عالم الخفافيش (الوطواط) الصغير أن له جهاز سونار، يساعده في التحرك والطيران ليلا والعثور على فرائسه من خلال التنصت لصدى الصوت، فيصدر الخفاش نبضات صوتية قصيرة لها تردد عال فوق قدرة سمع الإنسان، فتنتشر موجاتها أمام الخفاش الطائر، وترتطم بأي عائق في طريقه، فترتد الأصوات كصدى ليترجمها بسرعة ويقدر المسافة بينه وبين هذا العائق وسرعته بالنسبة للبعد منه وحجم الأشياء من حوله لاسيما أثناء الظلام. فيدير اتجاهه متجنبا الاصطدام به.
لكن الذي أردت التحدث عنه، هو نوع من الخفاش يسمى مصاص الدماء، هذا الخفاش الصغير الذكي لا يتغذى إلا على الدم، مما جعل العلماء يدرسون حياته وسلوكه، فوجدوا أن الله منحه أسنانا حادة كالأمواس، يذهب إلى الفريسة من الحيوانات الثدية فيجرحها بأسنانه ويعمل لها فتحة صغيرة، ويبدأ في لعق الدم، فيلتهم طعامه الذي يحتاج منه مقدار ملعقتين من الدم كل يوم، لكنه يواجه خطرا محدقا، وهو تجلط الدم، فالذي يفعله أن لديه لعابا وريقا خاصا يمنع تجلط الدم، مثل دواء السيولة الذي يستخدمه من أجروا عمليات القلب وزراعة الأوردة، والعجيب أن لعابه هذا أقوى 20 مرة من أي مادة أخرى مانعة لتجلط الدم، مما حدا بالعلماء لتحضير دواء منه يسمى (دراكيلوين) يستعمل لمرضى الجلطات الدماغية والنوبات القلبية.
هذه من غرائبه وعجائبه التي أودعها الله فيه، ومن عجائبه أيضا أنه الثدي الوحيد الذي يطير، وأنه هو الطائر الوحيد الذي يطير بلا ريش، ويلد كما يلد الحيوان، ولا يبيض كما تبيض سائر الطيور، ويحيض كما تحيض المرأة، ويضحك بأسنانه.
ومن دهاء الخفاش أنه ينام مقلوبا معتمدا على أرجله، متدثرا بجناحيه، لكن هدفه من نومه بالمقلوب له في ذلك حيلة، فأقدامه ضعيفة لا تستطيع حمله لفترة طويلة لذا يتشبث بها في جدار أو غصن في جحوره ويجعل جسمه متدليا، ثم إنه بهذا يحافظ على مخزون الطاقة في جسمه فلا يستهلكه.
سبحان من خلق فسوى وقدر فهدى.